بالتأكيد كل من زار الجبيل الصناعية سيعلم ماهي "حديقة الدِفِّي" ..
هي مكان من الأماكن الروحيّة في ذاكرتي تأسست فيها - في ذاكرتي - عام 1992 م / 1412 هـ حينما كنت في الخامسة من عمري .
في الحقيقة أود ّ أن أعلم فعلا ً متى أنشأت و الأهم من ذلك أود أن أعرف لم َ سميت بذلك ؟!
كنا في زيارة لعمي الذي يقطن هناك لقضاء الإجازة الصيفية و بالرغم من أنني لم أكن مرتبطة بعد بأي إجازة صيفية و لا شتوية لا من قريب و لا من بعيد , إلا أني أعي تماما ً ما تعنيه الإجازة الصيفية .
كنا نسميها (العطلة الطويلة) و كانت المرادف الوحيد لـ (سعة الصدر و الوناسة)
قبل يومين زرت حديقة الدفي و تفاجأت بأن الحديقة لازالت في عيني من أجمل الحدائق في العالم - حتى لو لم أشاهد أيا ً من حدائق العالم ! - , عشبها رطب و يابس , أخضر و أصفر , أشجارها عشوائية , إناراتها بيضاء , و بعض الأراجيح , رائحة البحر و إحساس الرطوبة و هناك ذاكرتي و طعم الطفولة .
كان هناك طعم حقيقي ّ في لساني .
كنت في الخامسة , كنت طفلة , ولكني في ذلك الوقت لم أكن يوما ً ما أنا عليه الآن !
من العجيب حقا ً أن يتذكر الإنسان طفولته المبكرة و تبقى معه هذه الذكرى إلى أن يموت أو يفقد عقله , وأعني بالمبكرة تلك التي في عمر السنتين أو الثلاث .
منذ فترة قريبة , و نحن نشرب (شاي العصرية) سألت أمي عن مشهد في ذاكرتي يبدو لي كحلم أقرب منه إلى الحقيقة و عندما أستعرضه في رأسي يظهر لي بصورة ضبابية ظلاليّة , كان المشهد أني أرى نفسي و أنا صغيرة في غرفة والدي ّ في بيت جدي , كنت أرى نفسي أني كنت مستيقظة من نومي على فراش كبير مفروش على الأرض و كان في زاوية معينة من الغرفة و كان في الغرفة أشياء أخرى أتذكرها .. ثم رفعت جسدي بصعوبة - يبدو أني كنت حديثة المشي و كنت أرتدي حفاظة !! - اتجهت بعد ذلك إلى الدرج و لم أتعلم بعد كيف أنزل منه لوحدي , و قفت هناك عاجزة ثم بكيت (.) نقطه .. انتهى
و صفت لأمي كل شيء كنت أراه بالتفصيل , بعدها أجابتني بالتأكيد على أن ماحدث معي حقيقة !
.